الثلاثاء

محمد شرف.. العابرون كالنسيم يبقون في القلوب


هل تتذكرون شخصية «نسيم» في فيلم «آسف على الإزعاج» تلك الشخصية المحبطة الحزينة معدومة الأمل صاحبة الأحلام البسيطة، القادرة على تفجير الضحك من أقصى المواقف ألماً، تلك هي شخصية محمد شرف تماماً في الحقيقة، على الرغم من الصخب الذي يصنعه حوله أينما حل وكأنه في قتال مع «التكشيرة» التي يرغب دائماً في هزيمتها.


كسره
ظهر للمرة الأولى في مسلسل «ارابيسك» أحد روائع الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة، في دور «سامبو» الشرير، بحكم ملامحه، تلك الجبهة الضيقة التي يحفها عينان ضيقتان، وأنف أفطس وفم عريض ذو شفاه رفيعة، ولكن حتى ملامحه تلك انتصر عليها بموهبته العفوية التي صنعت منه نجماً محبوباً لدى الجماهير.

يعتبره الكثيرون من نجوم الظل، ولكن منذ متى والظل يحتمل نجوماً مضيئة، ذلك الظل نفسه الذي حوى يوماً نجوماً في قيمة عبدالفتاح القصري وعبدالمنعم إبراهيم، وماري منيب وغيرهم من أساطير الضحك التي لا تتوقف ابداً عن قهر الحزن.

نجوم حقيقية تصنع في دقائق قليلة على الشاشة ما يعجز عنه نجوم كبار في أفلام ومسلسلات، لكن «القسمة والنصيب» تصر على أن يبقى ترساً صغيراً يدور بدوران التروس الأكبر، بينما ينكسر هذا الترس الصغير إذا حاول اتخاذ دور الأكبر.

نعم لا يصلح شرف لأداء دور البطولة.. نعم قد تسأل عن اسمه في الطريق فيجيبك 4 من أصل 10، بينما يتذكر الـ10 بالكامل أدواره، لكنه يظل نجماً موهوباً لا يختلف على موهبته اثنان.

سوف يظل رحالاً طيلة رحلته الفنية مثل شخصية «صابر» التي أدّاها في فيلم «كباريه» محاولاً توصيل الأمانة حتى يسقط، في الفيلم لم تصل الأمانة، وفي الواقع سقط شرف لفترة صريع المرض، لم يجد بجانبه أحداً، ولكنه عاد بإرادة حديدة ليكمل توصيل الأمانة التي لن تضيع هذه المرة.

محمد شرف الفنان السكندري الموهوب صاحب الأداء الهادئ غير المفتعل والابتسامة المبسترة التي تنم عن حمل داخلي يظهر في العيون التي تشكر ربها على ضيقها حتى لا يلاحظ، لن يصبح نجماً من الصف الأول، لكن ولأن لكل امرئ نصيب من اسمه، سيحمل شرف السطوع وحب الجماهير في زمن تقاس مواهبه مادياً، بينما موهبة صاحبنا لا يمكن تقديرها.

تبقى الخلاصة في تجربة شرف الفنية هي: ليس مهماً أن تصل إلى نهاية السلم، ولكن تأكد دائماً من أهمية الدرجة التي وصلت إليها واستمر في ملئها كما يجب.

جميع الحقوق محفوظة لــ mezafast 2015 ©